إرهابية!

حين تنتمي لطائفة أو مجموعة فأنت رغما عنك تحمل كل ما تحمله هذه المجموعة من صفات حتى ولو لم يكن فيك منها شيء، وتتمتع بمزاياها وتتكبد نتائج هفواتها.. الغنم بالغرم ولا مفر من تحمل سلبيات انتمائك حتى لو لم تكن موافقا له، أو حتى لو لم يكن انتماؤك أصلا موجودا لما يفترضه الآخرون أنه انتماؤك..
أن تكون مسلما في السنين الأخيرة، هو مرادف لكونك أصوليا متزمتا كارها للغير …و إرهابيا حتى يثبت العكس…فالقاعدة الشهيرة تنعكس هنا..لا مسلم بريء حتى تثبت إدانته، بل كل مسلم متهم حتى تثبت براءته، وهي غالبا لا تثبت لأن النظرية العامة والتي يؤمن بها كل غير المسلمين (أو أغلبهم، أو جزء كبير منهم، أو حتى قلة منهم، لكنها القلة المؤثرة..) النظرية تقول أن كل مسلم حتى لو كان متسامحا و”ليبراليا” ومعتدلا فهو مشروع متطرف إرهابي ويمكن لخطبة جمعة أو حديث أن يجعله ينقلب على عقبيه خسر الدنيا وأهلها!!! لا أعلم من صاحب النظرية (فالنظريات في العادة تنطلق دون صاحب ولا أهل لها!!!) ولكن أستطيع القول أنه فطحل من فطاحل النظريات!! فقد ضرب عرض الحائط بكل المبادئ الإنسانية والعلمية والدينية، فكل مسلم بمجرد انتمائه لهذا الدين هو متخلف عقليا بل لا يملك عقلا أصلا، وهو مشروع “أهبل” يضحك عليه ببضع كلمات ومستعد للقتل والسلب والنهب بمجرد أن يحرك “الإمام” شفتيه.

الفكرة الخاطئة التي يحملها الآخرون عن الإسلام (الآخرون : كل غير المسلمين) هي أن الإسلام يعتمد على قرارات الإمام، وأن إيديولوجية الإمام يمكنها أن تغير الأمة الإسلامية كلها في دقيقة أو دقيقتين! كم يتعسني ويسعدني لو أنه كانت حقيقة!! نعم يتعسني لو أنها حقيقة لأننا ساعتها سنكون فعلا مجموعة من الدمى المتحركة ليس لنا كرامة ولا عق ونمشي ونتحرك بإشارة من إمام قد يكون شفيها أو مختلا!! وكم يسعدني لو أننا نجتمع على كلمة رجل واحد لعل وعسى يكون حكيما خيّرا!!…..للتوضيح غلإمام في الإسلام يؤم الصلاة ..ويعطي رأيه في أمور الدين وللمسلم الأخذ بها أو عدم الأخذ بها..والمفتي هو بمثابة قاض يمضي قواعد الدين ويقرر الحرام من الحلال…وللمسلم الخيار..نعم أشعر بأن الكثير سيتفاجؤون!! للمسلم الخيار!! نعم إننا مخيرون!! ككل الأديان الأخرى، فنحن لم نصنع في الصين بجودة أقل!!
حين يوصم دين كامل بالإرهاب، تصبح الحياة كلها وصمة عار… وتصبح قطعة قماش ترتديها أنثى على رأسها زر إطلاق رأس نووي! وتتحول لحية أطلقها أحدهم مدفعا رشاشا مستعدا للإطلاق في أي لحظة!! تتحول النظرات كلها إليك لأنك بشكل أو بآخر تلتزم بسلوك مجتمعي أو ديني لا يتعدى كونه سترة أو التزاما بالوقار، إلى إعلان للحرب على الآخر…نعم أنا أضع قطعة قماش على شعري، ليس لأنني أكره الآخر ولا لأنني أحب أن أتميز ولا لأنني أرغب في مسح البقية السافرة من على وجه الأرض، ولكن لأنه اختيار…مجرد حرية شخصية، فكما تملك إحداهن الحرية لعدم تغطية شعرها نملك نحن حرية تغطيته!!
نعم أنا مسلمة وأصلي خمسي وأصوم شهري وأحج وأزكي…ولكنني لا أقتل ولا أكره…فالإسلام أن يسلم الناس من أذاي …الإسلام أن أسلم لله وأخضع لقضائه ولا أتمرد عليه…الإسلام أن أشيع السلام وأضمن حق الضعيف….
بعض المسلمين شوهوا الدين بأفكار لا صلة لها بالدين…شوهوا الدين وشوهوا أصحابه…وأصبحنا نمشي حاملين في صدورنا لائحة من الأفكار والجمل درعا ندافع به عن أنفسنا وكأننا أجرمنا… ما دخلي أنا إن كان أحمق ما ظن أن القتل سيدخله الجنة؟!؟! وما ذنب غيري إن كان أحمق آخر يظن أن الآخرين (جميعا بمن فيهم أنا وكثير جدا من المسلمين) نستحق القتل!
سأحرم من السفر والعيش والعمل في دول أو مع أناس ترى في قطعة القماش على رأسي تهديدا لها ولأمنها، و في اسمي العربي مشروع قنبلة موقوتة، وفي فكري الإسلامي (معتدلا كان أو ماطرا!) خطرا على الأبرياء وترى في وجهي ذي الملامح العربية مشروع إرهابية!! سأحرم من ثقة عابر سبيل، ومن ابتسامة طفل، ومن صحبة طيبة ومن الكثير…لأننا زرعنا في عقولنا بإعلام غبي أن كل مسلم هو العدو!!

تحت قطعة القماش والملامح العربية، إنسانة عادية، بنفس التكوين البشري، لي عقل اختار طريقه، ولي قلب يشعر، أبكي أحيانا وأضحك أحيانا كثيرة، مجنونة أكثر مما يعتقد الكثيرون وعاقلة أكثر مما يعتقد الكثيرون…تحت مظهر المسلمة امرأة عادية تكره منظر الدم وتحب الخير والناس… لكنني في عيون الآخرين مجرد مشروع إرهابية!

ديسمبر 20, 2015

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *