“أنا ياباني!!”

في أحد لقاءاتي “التذكارية” مع أحد معارفي اليابانيين، اتصل ليخبرني أنه سيزور البلد الشهر المقبل…نعم أخبرني شهرا قبل الوقت المحدد… وقال أنه خلال التواريخ المحددة سيكون متواجدا ويرغب في ” السلام علي” وأخبرني أن أحدد وقتا يناسبني…وطبعا وبعد الاطلاع على جدول أعمالي الغريب وبعد أسبوع أو أكثر أخبرته بالوقت المناسب اليوم الفلاني الساعة الرابعة أو الخامسة…نعم جعلته موعدا مطاطا حتى لا ألزمه بتوقيت محدد وحتى يختار الأنسب لكنه وافق على الموعد بجملته وترك لي خيار “المطاطية” في الموعد…وجاء الوقت المناسب وانطلقت إلى مكان اللقاء متأخرة عن الموعد وفي بالي أنه لم يتصل وسيكون هناك بين الساعة الرابعة والخامسة… قبل وصولي وردني اتصال من رقم محلي افترضت أنه رقمه ولم أرد طبعا لأنني كنت أسوق السيارة …وصلت إلى المكان الموعود ودخلت “الكوفي شوب” لم يكن هناك … فافترضت أنه لم يصل بعد، وعلت وجهي ابتسامة الرضا.. ولكن قبل أن أجد مكانا لأجلس فيه وجدته أمامي يحييني “بركعته” اليابانية الشهيرة التي تجعلني أستحيي من طول قامتي ..حييته بإيماءة مماثلة ولكنها على مستوى الرأس فقط (ولا تصل إلى الركوع نظرا لما في الأمر من اشتباه وكلام كبير عريض) ثم سألته متى وصلت؟ قال الرابعة تماما…قلت: آسفة ظننت أنك ستتأخر لأننا لم نحدد الساعة بالظبط ، لم أكن أريد أن ألزمك بساعة محددة، فقال : وصلت الرابعة تماما ، أنا ياباني!!…لا أدري هل كان وصفا له أم مسبة لي!! ولنا جميعا!!! لماذا يلتزم الياباني بالوقت بالدقيقة والثانية حتى في مواعيده “الفليكسيبل” بينما “نمطها ” نحن حتى في المواعد الصارمة ونتركها ” على الله” …
في لقاءاتي مع أغلب معارفي العرب على اختلاف مشاربهم وطوائفهم، لم يحدث أن التقينا على الوعد، فإما أن يتأخروا أو أن أتأخر (مع أنني غالبا أصل قبل أغلبهم إلا في حلات القوة القاهرة!) في إحدى محاولاتي الفاشلة لتأديب إحدى صديقاتي التي “تلطعني دائما في انتظارها قررت أن أتأخر عمدا وذهبت متأخرة عن الموعد بأكثر من نصف ساعة وكانت المفاجأة أنها لم تصل بعد وجلست كالعادة أعد الخراف حتى تصل!!! أشعر أنه طقس مقدس في لقاءاتنا، ويجب علينا احترامه وأن اللقاء في الوقت المحدد يجلب النحس، أو يؤدي إلى الخسوف!!
في بعض (أو كل ) بلداننا العربية يعتبر عيبا أن تصل في الموعد المحدد ، خاصة في “العزومات” (عقلية غريبة لا أجد لها معنى ولا تفسيرا) فأنت بمحض إرادتك تحدد الموعد وتقول لضيفك تعال الساعة السابعة ثم تتضايق إن وصل قبل الثامنة!!! طبعا، من حقك أن تغضب، فكيف لا يحترم هذا الضيف العرف الشفاهي المتداول بأن يتأخر على الأقل ساعة وأن لا يزيد عليها لأنه يصير قليل أدب إن تأخر أكثر..وأحيانا تختلف مقاييس التأخير بين المضيف والضيف فتصير قليل أدب في كل الأحوال!! وتفضل أن لا تدعو أحدا وأن لا يدعوك أحد وتعيش في البراري بين التيوس والخرفان والديكة التي تحترم مواعيد الآذان ولا تخلو من لائميها لماذا تصيح في هذا الوقت!!.

سبتمبر 2, 2015

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *